الإيجابية أكبر من السعادة

نشاط (3-5): نصف الكأس… ممتلئ أم فارغ!؟

إذا أردت إطلاق اسم على الكأس في الشكل (3-1)، هل ستطلق عليه الكأس الذي نصفه ممتلئ أم الكأس الذي نصفه فارغ؟ لماذا؟

شكل 3-1

الشكل (3-1): الكأس الذي نصفه ممتلئ/فارغ!

نظراً لشهرة صورة الكأس ذات النصف المُمتلئ أو النصف الفارغ، يُمكن الاعتماد على نفس الصورة للتفريق بين علم النفس الإيجابي الذي يُعد أحد فروع علم النفس والتفكير الإيجابي الذي يُعد منظوراً شخصياً متفائلاً فقط. كما تم الإشارة في المقال السابق (الإيجابية أشمل من التفكير الإيجابي) إلى أهمية تبنّي الإيجابية الشاملة التي تجمع بين التفاؤل والواقعية، يُجدر الإشارة هنا إلى أهمية التفاؤل والسعادة بنصف الكأس الممتلئ، ولكن دون الغفلة عن النصف الفارغ. لذا يدعونا علم النفس الإيجابي إلى تبني عقليتي النمو والفائدة من أجل اعتبار الكأس ككأس قابل لإعادة التعبئة للشرب وسقاية الآخرين.

الإيجابية أكبر من السعادة

تقول سونيا ليوبُميرسكي “السعادة هو أمر تصنعه لنفسك.” قد يبدو أن الإنجاز والنجاح هو ما يدفع إلى السعادة، إلّا أنه تبيّن أن السعادة هي التي تقود إلى النجاح. وضحت ليوبُميرسكي وكنج ودينير (Lyubomirsky, King & Diener, 2005) إلى أن السعداء هم أنجح من أقرانهم غير السعداء في علاقاتهم الاجتماعية داخل العمل وخارجه، كما أن لديهم صحة نفسية وجسدية أفضل، وأشارت نتائج الدراسة إلى أن السعادة ترتبط مع الكثير من النجاحات بل وتسبق العديد منها. وذلك قد يعود إلى أن وقع الخبرات الباعثة على السعادة ومنها النجاح تتأثر بما يُسمى بالتكيّف المتعي حيث يعتاد الأفراد على هذه الخبرات بسرعة كبيرة، هل نشعر الآن بنفس تلك البهجة التي شعرنا بها عندما مررنا بخبرة نجاح؟ لذا يتراوح تأثر السعادة بمجموع مثل هذه الخبرات بنسبة 8 – 15% فقط. أمّا الجهد المبذول للقيام بالأنشطة الإرادية (العقلية أو السلوكية) هو مفتاح التأثير على السعادة واستدامتها لما يحويه من مقاصد تقف خلف العمل، ولذا يُقدّر أثر هذا السلوك المقصود على السعادة بحوالي 40 %. أمّا نسبة النصف المتبقية ثابتة نسبياً بفعل الجينات الوراثية بمعنى أن للفرد نصيب يتمتّع به من السعادة منذ ولادته قد يصل إلى 50 % (Lyubomirsky, Sheldon & Schkade, 2005).

ومع تطوّر دراسات وأبحاث علم النفس الإيجابي، أشار واترمان (Waterman, 2008) إلى أنه بالرغم من وجود الدلائل التي تدعم العلاقة المتبادلة بين تحقيق المتعة وتحقيق القيم المعنوية في تحقيق السعادة، إلا أن هناك نسق نوعي في مفهوم السعادة تجعله يسهم إيجاباً كمتغير مستقل (سبب) في العافيتين المتعية والمعنوية وغيرهما من النتائج الإيجابية. ويُجدر الإشارة أن الإيجابية التي تعود على الأفراد بالتطوير الذاتي على المدى البعيد وتقوده إلى التمتّع بعافية نفسية وجسدية وعلاقات ودّية مع من حولهم تتعدّى جوانب السرور المتعية للسعادة وإنما تتطلب شبكة مترابطة من الانفعالات الإيجابية من جهة، وترتبط بجوانب معنوية أهمها التقدير والامتنان لتُضفي معنى أعمق للحياة من مجرد تحقيق السعادة (Armenta, Fritz & Lyubomirsky, 2017).

المراجع:

Lyubomirsky, S., King, L. & Diener, E. (2005), The benefits of frequent positive affect: does happiness lead to success? Psychological Bulletin. 131(6), 803-55

Lyubomirsky, S., Sheldon, K., & Schkade, D. (2005) Pursuing happiness: The architecture of sustainable change. Review of General Psychology. 9(2), 111-131

Waterman, A. S. (2008). Reconsidering happiness: a eudaimonist’s perspective, The Journal of Positive Psychology. 3(4), 234-252

Armenta, C. N., Fritz, M., & Lyubomirsky, S. (2017). Functions of positive emotions: Gratitude as a motivator of self-improvement and positive change. Emotion Review. 9(3). 181-190

ملاحظة: راجع المصطلحات بالإنجليزية 3

الإعلان

رأي واحد على “الإيجابية أكبر من السعادة

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s