العافية، عناصرها، والطرق المؤدية إليها

في ضوء الاجتهادات العامة من قبل الباحثين في مطلع القرن الحادي والعشرين، جاء سيليجمان وسكزنتميهاي (Seligman & Csikszentmihalyi, 2000) ليضعوا النقاط على الحروف في دراسة العافية ضمن أحد فروع علم النفس الذي أصبح يُسمّى بـ “علم النفس الإيجابي.” فهو علم يهتم بكل ما يستحق الحياة، ويعنى بتحسين جودة الحياة ويقي من الاضطرابات النفسية عند الشدة. فقد وضع الباحثان خطة الطريق الأولى المؤدية إلى الهناء الشخصي والازدهار الإنساني ضمن مبادئ علم نفس النمو في ضوء الإمكانات والسمات الإيجابية الشخصية التي يمتلكها الأفراد وأهمها: العافية النفسية، والتفاؤل، والسعادة، وتقرير المصير، ممّا يُعزّز الامتياز الشخصي والإنجاز. كما وضعا مجموعة من الاعتبارات التي يجب أن تُؤخذ بعين الاعتبار كتحديات لتطوّر علم النفس الإيجابي وأبرزها: قياس العافية بشكل عام وعلى المدى الطويل على وجه الخصوص، وعلاقة العافية بعلم النفس العصبي والوراثة، ومدى الواقعية، ومدى حقيقة العافية إن كانت وصفية أم قائمة على المنظور الشخصي، وغيرها.

وبعد خمس سنوات من التقدّم العلمي، قدّم سيليجمان وستين وبارك وبيترسون (Seligman, Steen, Park & Peterson, 2005) ورقة علمية وضّحوا فيها مدى تقدّم علم النفس الإيجابي ومدى صدقه التجريبي في ضوء الدراسات العلمية والأدب النظري الذي أُنتج في هذه الفترة. ومن أبرز ما قدمه الباحثون في ورقتهم قوى الشخصية والفضائل الإنسانية ودورها في تعزيز الازدهار الإنساني في ضوء كتاب بيترسون وسيليجمان بعنوان “قوى الشخصية والفضائل الإنسانية: كتاب وتصنيف” عام 2004 وهذا ما سيتم تناوله في الفصل الثاني من الدليل. كما وقد تناولوا التدخلات التجريبية العلمية في أسباب الحياة السارّة، والحياة الواعية، والحياة ذات المعنى التي أعطت صورة أكثر شمولاً لتتضمن العافية المتعية والعافية المعنوية. وهذا ما ما يتضمن عناصر السعادة الحقيقية التي وضعها سيليجمان في كتابه “السعادة الحقيقية” عام 2002 لتكون الخطوة الأولى في تطور نظرية السعادة الحقيقة لتُصبح نظرية العافية.

وفي ضوء كتاب سيليجمان بعنوان “اهنأ” الذي نشره عام 2011، كتب سيليجمان (Seligman, April, 2011a & 2001b) مقالين يُوضّحان تطور نظرية العافية مُبيّناً أن علم النفس الإيجابي يتجاوز علم السعادة وما يُسمّى بالمزاج المسرور، بل هناك حاجة إلى الإنجاز كدليل على النجاح بدافع الإنجاز بحد ذاته، وهناك أيضاً حاجة إلى حياة ذات موصولة بالآخرين كنتيجة لعنصر آخر من نظرية العافية سمّاه العلاقات. والجدول الآتي يُلخّص نظرية العافية:

جدول 1-4

الجدول (1-4): تطور نظرية السعادة الحقيقية إلى نظرية العافية

وبذلك أصبحت العافية تتكوّن من العناصر الآتية ضمن نموذج (PERMA):

1. الانفعالات الإيجابية (Positive Emotions) وهي التي تُحقق حياة السرور

2. الانخراط (Engagement) وهي التي تُحقق حياة الوعي

3. العلاقات (Relationships) وهي التي تُحقق حياة الوصال

4. القصد (Meaning) وهي التي تُحقق حياة المعنى

5. الإنجاز (Accomplishment) وهي التي تُحقق حياة الإنجاز

نشاط (1-6): العافية النفسية

شاهد محاضرة مارتن سيليجمان بعنوان “عصر علم النفس الإيجابي الجديد” التي ألقاها عام 2004 ضمن فعاليات (TED)، ثم اكتب قائمة من الدروس المستفادة التي يُمكنك أخذها من المحاضرة على المستوى الشخصي.

ملاحظة: تتوفر الترجمة باللغة العربية أسفل الفيديو من قائمة (Subtitle).

الرابط: http://www.ted.com/talks/martin_seligman_on_the_state_of_psychology#t-68253

خمسة طرق مؤدية إلى العافية

ضمن عمل ضخم للحكومة البريطانية لدراسة العافية عالمياً، نشر فريق العمل (Aked, Marks, Cordon, & Thompson, 2008) تقريراً يُوجز أن هناك خمس طرق تقود إلى العافية بالاعتماد على دلائل تجريبية عالمية تمت صياغتها على شكل نصائح، وهي:

1. تواصَل (Connect):

إن تواصلك الإيجابي مع من حولك من الأقارب والأصدقاء وزملاء العمل والجيران في مجتمعك يُثري من عافيتك بشكل كبير، لذا استثمر في تقوية روابطك مع من حولك وتمتّع بالعافية.

2. تنشّط (Be Active):

إن أفعالك الحركية وخصوصاً تلك التي تستمتع في القيام بها تُحسّن من انفعالاتك بشكل ملحوظ، لذا امشِ، والعب، وارقص، أو ببساطة افعل ما يروق لك ضمن أي مكان متاح.

3. تيقّظ (Take Notice):

إن جلب الوعي لما تقوم به هنا والآن وتأملك في مواقف حياتك وانفعالاتك تجاهها يزيد من تقديرك لما حولك عموماً وما يهمّك فعلاً على وجه الخصوص، لذا لاحظ وركز انتباهك ووجّه فضولك نحو ما تشعر به من حولك وفي داخلك، وعش اللحظة وتمتّع في كل هو جميل.

4. تعلّم (Keep Learning):

إن خوض التحدّيات لتعلّم أمور جديدة في حياتك يزيد من ثقتك بنفسك ومن درجة متعة القيام بالأمور، لذا جرّب أمراً جديداً، واعد استكشاف الاهتمامات القديمة، والتحق بأي برنامج للتعلّم، وقم بمهام أخرى في عملك، وحاول إصلاح أشيائك بنفسك.

5. أعطِ (Give):

إن تحقيقك لسعادتك متعلق بمجتمعك، وما تُقدمه لمن حولك يزيد من شعورك بالمكافأة ويُقوّي روابطك بهم، لذا كافئ نفسك بالعطاء عندما تبتسم في وجه الناس وتتلاطف معهم، وعندما تُقدّم الامتنان للمحسن، وتعفو عن المسيء، وعندما تتطوع أيضاً.

نشاط (1-7): خمسة طرق مؤدية إلى العافية

تأمّل في الطرق الخمسة المؤدية إلى العافية. خطّط لتحسين مستوى عافيتك باتباع النصائح الخمس السابقة، يُمكنك الاستعانة بالصيغة اللغوية الآتية:

سأقوم بـ …………………………………………………………،

خلال الفترة الزمنية الممتدة من ……………… إلى ………………،

وذلك من خلال الأفعال الآتية:

1.

2.

3.

نشاط إضافي: للمزيد من التعمّق في الطرق الخمس المؤدية إلى العافية، يُمكنك الرجوع إلى الرابط الآتي الذي يُتيح لك تحميل وتصفح التقرير “خمسة طرق مؤدية إلى العافية”:

http://b.3cdn.net/nefoundation/8984c5089d5c2285ee_t4m6bhqq5.pdf

المراجع:

Aked, J., Marks, N., Cordon, C., and Thompson, S. (2008). Five Ways to Well-being: A report presented to the Foresight project on communicating the evidence base for improving people’s well-being. London: NEF

Seligman, M. E. P. (April, 2011a). The Original Theory: Authentic Happiness. Message posted to: https://www.authentichappiness.sas.upenn.edu/learn/wellbeing

Seligman, M. E. P. (April, 2011b). Happiness Is Not Enough. Message posted to: https://www.authentichappiness.sas.upenn.edu/newsletters/flourishnewsletters/newtheory

Seligman, M. E. P., & Csikszentmihalyi, M. (2000). Positive psychology: An introduction. American Psychologist, 55(1), 5-14

Seligman, M. E. P., Steen, T. A., Park, N., & Peterson, C. (2005). Positive Psychology Progress. American Psychologist, 60(5), 410-421

ملاحظة: راجع المصطلحات بالإنجليزية 1

 

 

الإعلان

رأي واحد على “العافية، عناصرها، والطرق المؤدية إليها

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s